الشعيبية طلال | “بطلة رواية كتبت تفاصيلها بالريشة والصباغة”

 

بلادنا 24- صفاء بورزيق-

ارتبط اسمها بالفن الفطري، رغم بساطتها في الآداء والإسترسال في خيال الصورة، إلا أنها كانت تختار الألوان بدقة وعناية، وترسم دوائرا و خطوطا عبثية، لكنها محملة بمشاعر وعواطف إنسانية، كأنها روح تمشي فوق اللوحة، أحيانا يعتريك إحساسا بالبهجة والسرور في لوحاتها، وأحيانا أخرى بالحزن ، وبين هذا وذاك لاشك ان ابنة مدينة اشتوكة استنشقت رائحة الصباغة بين أزقة ودروب دكالة وهي تتجولها في عقدها الأول، إنها الفنانة التشكيلية الشعيبية طلال، الإنسانة البسيطة، والفنانة العصامية والمكافحة.

 حياة ماقبل الشهرة

في سنة 1929 باشتوكة نواحي مدينة أزمور، ازدادت وترعرعت الشعبية طلال، لم تحظ بفرصة الدراسة، كبقية أمثالها، وفي عقدها السابع غادرت الشعيبية منزل أسرتها لتعيش عند عمها بالدار البيضاء، وحين بلوغها سن الثالثة عشر، اغتصبت براءتها، فلقيت نفسها أمام قدر الزواج، تربي، ترعى، وتحمل عبء أسرة، أنجبت طفلا وأصبح اليوم فنانا ” الحسين طلال”، ثم مات الزوج، لتخوض رحلة الأم الأرملة، فاشتغلت الشعبية خادمة البيوت صباحا لتربي طفلها وتنفق عليه، وأيضا توفر مال شراء أدوات الصباغة التي تستيقظها ليلا.

الشعيبية طلال امرأة المعجزات

رأت الشعيبية طلال نفسها تحت زرقة السماء بأشرعة تدور وبغرباء يقتربون منها يقدمون لها أوراقا وفرشاة، كان هذا فقط حلما يراودها في منامها، لكن شغفها وحبها للريشة والصباغة، جعل الشعبية تسابق الزمن لشراء دهان أزرق، وبدأت تقترب من حلمها وترسم ما يدور في مخيلتها.

ومع طول الأيام، اشترت لوحات و صباغات مائية، ترسم بين الفينة والأخرى،ليغير القدر مجراه، وتفتح لها باب الشهرة.

تحقيق الحلم

أعمال الفنان الحسين طلال جعلت من أمه امرأة المعجزات،و امرأة أصبحت من لا شيء كل شيء، لاسيما من خلال زيارة الناقد الفرنسي بيروغوديبير، والفنانين التشكيليين أحمد الشرقاوي، وأندريه الباز، إلى منزل الشعبية طلال للإطلاع على أعمال ابنها، لكن ابتسامة هذه المرأة وروحها المرحة،و أعلنت عن بداية مشوار في مجال الفن التشكيلي، مشوار الوصول إلى النجومية من فتاة القرية إلى امرأة قوبلت بكثير من الترحيب العالمي، انبهر الناقد الفرنسي برسوماتها، ووصفها “بالفنانة النابغة”، لتنقلب حياتها كاملة، وتنظم أول معرض لها سنة 1966.

تخليدا في الذاكرة.. الشعيبية طلال امرأة بصمت تاريخ الفن التشكيلي

حصلت الشعيبية طلال على الميدالية الذهبية للجمعية الأكاديمية الفرنسية للتربية عام 2003، وأدرج قاموس “لاروس الفن بالعالم” اسمها في أوراقه ، كما خصص قاموس أكسفورد الدولي للأعلام، مادة تعريفية بالشعيبية طلال عرفانا بفنها وتاريخه.

فقدان أبرز نساء المغرب

في الثاني من أبريل 2004، المغرب فقد أحد نساءه البارزات، المرأة القوية والبسيطة، الفنانة الشعبية طلال، التي وضعت بصمة مميزة في تاريخ الفن التشكيلي المغربي، صقلت موهبتها الفطرية وعصاميتها، لتصنف كواحدة من أشهر فناني العالم.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *