الجزائر تغلق الحدود في وجه الأحياء وتفتحها في وجه الأموات

شكلت حادثة وفاة الشابة المغربية، فوزية بكوش، في السواحل الجزائرية، حدثا استثنائيا، إذ جعلت السلطات الجزائرية تعمل على فتح الحدود البرية المغربية الجزائرية المغلقة منذ سنة 1994 في وجه الأموات وتغلقها في وجه الأحياء، وذلك رغم الدعوات المغربية المتكررة الرامية إلى طي صفحة الخلاف، وفتح الحدود في وجه أبناء البلدين الجارين الشقيقين.

وعاشت النقطة الحدودية المغربية الجزائرية “زوج بغال” التي تبعد عن مدينة وجدة بحوالي 15 كيلومترا، حدثا استثنائيا، إذ توافد عليها العديد من المواطنين والنشطاء، الذين انتظروا لساعات طويلة وصول سيارة الإسعاف، وذلك لتسلم جثة ضحية الهجرة غير المشروعة.

وجاء نقل جثة الراحلة، فوزية بكوش، البالغة من العمر نحو 32 عاما، والمنحدرة من مدينة أحفير، بعد أن سمحت السلطات الجزائرية بنقلها إلى النقطة الحدودية، بعد الانتهاء من الترتيبات الإدارية والإجراءات المتعلقة بالتحقق من الهوية، وذلك بالتنسيق مع المصالح القنصلية المغربية في وهران.

كسر الحواجز الحديدية

وعلق نشطاء على الحادثة بالقول، “ضحية قوارب الموت، تمكنت من كسر الحواجز الحديدية الصدئة التي نال منها الزمان وظلت مغلقة لمدة 28 عاما، وعملت على فتح الحدود التي تتشبث سلطات قصر المرادية بإغلاقها في وجه أبناء بلدين جارين، تجمع بينهما الأخوة والمصاهرة والعقيدة المشتركة والقرابة والدم”.

وليست هذه هي المرة الأولى التي تفتح فيها السلطات الجزائرية الحدود في وجه الأموات، إذ سبق لها وأن قامت بفتحها أواخر سنة 2019، في وجه 3 شبان مغاربة كانوا قد قضوا مصرعهم غرقا في السواحل الجزائرية، بالإضافة إلى فتحها في وجه عدد من الشبان المغاربة ممن شاركوا في عمليات الهجرة غير المشروعة.

وسبق للسلطات الجزائرية، أن وافقت على فتح الحدود بشكل استثنائي سنة 2009، في وجه قافلة مساعدات إنسانية بريطانية لإغاثة سكان غزة، قادها آنذاك البرلماني البريطاني جورج غلاوي.

الملك يدعو إلى طي صفحة الخلاف

وكان الملك محمد السادس، قد أعلن في خطاب عيد العرش الأخير، عن نيته إقامة علاقات طبيعية مع الجزائر، إذ قال: “أتطلع للعمل مع الرئاسة الجزائرية، حتى يتمكن المغرب والجزائر من العمل يدا بيد من أجل إقامة علاقات طبيعية”.

وشدد في خطابه، على أن الحدود، التي تفرق بين الشعبين الشقيقين، المغربي والجزائري، لن تكون أبدا، حدودا تغلق أجواء التواصل والتفاهم بينهما، قائلا: “بل نريدها أن تكون جسورا، تحمل بين يديها مستقبل المغرب والجزائر، وأن تعطي المثال للشعوب المغاربية الأخرى”.

وأضاف، “إننا نتطلع، للعمل مع الرئاسة الجزائرية، من أجل أن يضع المغرب والجزائر يدا في يد، لإقامة علاقات طبيعية، بين شعبين شقيقين، تجمعهما روابط تاريخية وإنسانية، والمصير المشترك”.

حقوقيون يطالبون بفتح الحدود

ودفع الوضع الذي توجد عليه الحدود المغربية الجزائرية، بهيئات حقوقية ومدنية، خلال السنوات الماضية، إلى خوض وقفات احتجاجية بمنطقة “بين لجراف” في مدينة السعيدية، للمطالبة بفتح الحدود البرية المغلقة، وهي الوقفات التي شارك فيها عائلات مغربية وجزائرية، ووصل صداها إلى الجزائر، حيث نظمت مظاهرات بالمركز الحدودي “العقيد لطفي” بالجزائر، من قبل فاعلين جزائريين، معلنين أن فتح الحدود المشتركة هو أيضا مطلب شعبي جزائري.

القنصل الجزائري يرفض 

ومن جانبه، رفض القنصل العام الجزائري بوجدة، سنة 2019، تسلم رسالة من قبل جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان، تدعو من خلالها إلى فتح الحدود البرية المغربية الجزائرية، وهو ما جعل رئيسها، لحسن أقبايو، يضعها تحت باب مقر القنصلية، إذ جاء فيها، “نلتمس منكم بلورة موقف شجاع يُراعي المصلحة المشتركة، وروابط الدم والتاريخ والعروبة والإسلام، واستجابة لمقتضيات التحولات الإقليمية والدولية”.

ودعا إلى “دعم مبادرة التقارب وإرساء دعائم التعاون المستمر عبر التاريخ، من أجل الاستجابة لرغبة الشقيقين في فتح الحدود، بما يحقق انتظارات الجميع في صلة الرحم، والعمل البناء، في أفق صياغة مستقبل مشترك، يستجيب لمقتضيات الوحدة المغربية المنشودة”.

وأغلقت الحدود البرية المغربية الجزائرية سنة 1994، على خلفية الأحداث الدامية التي شهدها فندق “أطلس أسني” بمراكش.

بلادنا24

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *