الأخبار الزائفة.. قنبلة تهدد بنية المجتمع المغربي

يستندون على عبارة “لنا الحرية في التعبير”، وينشرون ما هب ودب من أخبار زائفة، دون التأكد من مصداقيتها ودون المراعاة لمدى خطورة هذه الأخبار على المجتمع، هي مجموعة من الصفحات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تمرر ما تشاء من معلومات، بعضها صحيح وأغلبها دون مصدر، ما بات يشكل خطرا على البينة المجتمعية خاصة لدى الشباب، إذ تحولت هذه الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير إلى “مرتع” للأخبار الزائفة الخطيرة.

وفي ذات السياق، ذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تقريره السنوي الأخير، حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2022، أنه “يتابع تزايد إقبال المواطنات والمواطنين على استعمال وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن أرائهم في مجموعة من القضايا المرتبطة بتدبير الشأن العام وبث ما يعتبرونه مظالم أو انتهاكات لحقوقهم أو التبليغ عن بعض الممارسات التي يعتبرونها فسادا”.

وبالموازاة مع الانتشار الكبير للأخبار الزائفة، شدد المجلس على أهمية حرص السلطات العمومية أثناء تدبيرها للإشكالات المرتبطة ببعض الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير، من خلال الاسترشاد بالممارسات والاجتهادات المتقدمة التي تبلورت في بعض التجارب المقارنة.

تشطيب وتقنين وسائل الإعلام والتواصل

وقد دعا المجلس في تقريره، إلى أهمية “فتح تحقيق في جميع الادعاءات المرتبطة بتدبير الشأن العام، التي يتم التعبير عنها في العالم الافتراضي، ونشر نتائج التحقيقات للمساهمة في تطوير ممارسة حرية التعبير وتعزيز الثقة في المؤسسات ومكافحة الأخبار الزائفة”.

من جهته يرى المحلل الاجتماعي، يوسف رجوان، أن “أي خبر زائف ينشر ويتم تداوله بسرعة، وراءه مجموعة من المحركات والعوامل، والتي من بينها، النفسية والاجتماعية، والاقتصادية، إذ كلها تعد عوامل أساسية تحرك هذه الأخبار سواء بالنسبة للمصدر الذي نشرها أو المتلقي الذي تلقاها، ما يتطلب تقنين وتشطيب مجموعة من الصفحات والمصادر التي تؤثر سلبا على المجتمع”.

وأضاف رجوان في تصريحه لـ”بلادنا24″، أن “الجانب النفسي في هذه الحالة يتمثل في فقدان الثقة خاصة في صفوف الشباب باعتبارها فئة مهمة تشارك بقوة في نشر وتلقي هذه الأخبار، وهذه الثقة منعدمة لديهم في المؤسسات الرسمية والإعلام الرسمي على وجه الخصوص، ما يجعلهم يلجؤون إلى مواقع التواصل الاجتماعي”.

وتابع المتحدث، أن “الجانب الاقتصادي، نشأ مند ولادة ثقافة “البوز”، والربح المادي المرتبط بـ”اللايكات والبارطاج”، إذ كلها مصطلحات دخيلة صاحبت الحداثة والتي تساهم بشكل رئيسي في انتشار هذه الأخبار الزائفة، حيث تكون معظمها أخبار مرتبطة بالسياسة أو المجتمع، كالإنفجارات أو الحوادث..إلخ، وهذه الأخبار عبارة عن كومة من الهلع تخلق لدى الفرد مايجعله يهتم ويتفاعل”.

خبر زائف يحرك بينة مجتمع كامل

وأوضح رجوان، أن “هناك مجموعة من الصراعات تساهم في انتشار هذه الأخبار الزائفة، التي تحرك بينة المجتمع، ومن بينها صراع الفرد والدولة، والتجاوزات والتقييد، حيث هناك مواقع تشهيرية تصدر الأخبار الزائفة، بهدف الربح الاقتصادي دون مراعاة لأي قانون تنظيمي، وتستهدف فئات معينة من المجتمع متعطشة للمعلومة، إذ تعتمد على مصدر واحد فقط، وخطر هذه المعلومة يتجلى في صراع الحق في المعلومة وحرية التعبير وصراع البحث عن البوز والصراع الاجتماعي النفسي”.

واستطرد المحلل الاجتماعي، حديثه قائلا: “أصبح كل مواطن صحفي، وهذه إشكالية خطيرة تدعي التقنين العاجل مع توضيح مضامين النشر وتبادل المعلومات وذلك يجب أن يكون دائما في سياق متصل مع حرية التعبير، ومع احترام هذا المبدأ”.

قانون حرية تداول المعلومات

جدير بالذكر، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان سبق وأصدر سنة 2022 تقرير له أكد فيه أهمية اعتماد قانون حرية تداول المعلومات لمعالجة العديد من الإشكاليات التي أصبحت تطرحها الأشكال الجديدة لممارسة حرية التعبير في العالم الافتراضي، مشيرا إلى أن هذا القانون يمكن أن يشكل دعامة جديدة لحرية الصحافة والنشر، وسيساهم في توسيع مجال ممارسة الحريات.

إذ اعتبر التقرير ذاته، أن “إقرار قانون حرية تداول المعلومات يعد بمثابة إصلاح هيكلي ومقوم أساسي من مقومات التنمية في كل أبعادها وأحد أهم شروط بناء الثقة المتبادلة بين الدولة والمجتمع، في ظل إشكاليات التداول الكبير للأخبار الزائفة”.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *