أوكديم..كنز سياحي في قمم الجبال يُقاوم التهميش والعزلة

أوكديم..كنز سياحي في قمم الجبال يُقاوم التهميش والعزلة

نشر في: آخر تحديث:

منطقة تتوفر فيها مقومات الحياة للجميع، لكنها مهمشة، مقصية عن اهتمام من يريد إنعاش هذه المناطق وتطورها لما تتحلى به من جمال طبيعي، وموارد طبيعية تزيد من جمال المكان، والإنسان.

أوكديم، منطقة منسية في إقليم ميدلت بجانب جبل العياشي، ذات مناظر خلابة تأسر كل من رآها ووصل إليها، عبر المسالك الضيقة، التي تصل بك إلى مأوى جبل ريدز حيث الجمال الطبيعي، موازيا لطيبة هؤلاء الناس المنسيين عبر مناطقهم وقراهم.

يقول صاحب المأوى السياحي حساين أيت بلا “جبل ريدز” بحسرة وأسف في حديثه مع “بلادنا24″ قائلا:” نحن نتوفر على إمكانات طبيعية، وجمالية، تنفرد بها منطقة أوكديم،لكننا لا نوجد في دائرة الاهتمام والرعاية، فبتنا مقصيين مهمشين كما منطقتنا، وانعكس ذلك على المأوى حسرة وندماً على الذين تواروا و لم يعودوا إلى “الأوبرج” زائرين أو رحالة”.

وأضاف،قائلاً:” نحن بحاجة إلى الاهتمام أولا، وإلى إقلاع سياحي ثانياً، حتى يتسنى للناشئة أن يتخلصوا من الفقر والفاقة، ويمارسوا أعمالهم الحياتية، لكي يخرجوا من هذه الحال إلى أفق أوسع، فيه ممارسة العمل اليدوي في إنتاج الزرابي، والاستفادة من خيرات الضأن والماعز، من حيث المنتوج الحيواني المعروف، مما يعود على المنطقة بالنفع والخير والتطور، وتكون بذلك وجهة للسائحين المغاربة والأجانب”,

واستطرد صاحب المأوى بنبرة ملؤها الألم والأسى حول ما آل إليه المأوى المرخص له من طرف وزارة السياحة ،قائلاً: ” المأوى مصنف منذ 2011 كأحد الوجهات السياحية، على الرغم من عدم إيصال الدعم المادي المخصص له من طرف المسؤولين لأسباب مجهولة، وغريبة كتجاهل منطقتهم في غربتها المنسية عن الواجهات السياحية المفيدة”.

حسن آيت قسو أحد ساكنة المنطقة، و من الحريصين على وضع المنطقة في إطارها السياحي، يقول بكثير من الانفعال حول ما آل إليه وضع المنطقة من نسيان، وخذلان واصفاً: “وضعية أوكديم بعدم الاهتمام وعدم إيجاد فرص العمل، وعدم إعطائها الدفع المادي والمعنوي لتكون منطقة سياحية جميلة، ولو تحقق هذا أو بعض منه، فسوف يتخلى عن عمله التقليدي في رعي الأغنام، ويمارس مهنة الإرشاد السياحي، لكي يخدم منطقته الخدمة التي تليق بجمالها الطبيعي، وبطيبوبة أناسها في ذلك المكان الجميل المنسي.

وتعتبر السياحة من أهم المعالم  التي تؤدي إلى اكتشاف المعالم الحضارية، والطبيعية في آن واحد، كما أنها مصدر من مصادر الدخل القومي في عصرنا الحديث، وهي استكشاف واطلاع على ما تزخر به الطبيعة من ألوان الجمال الذي يتبدى في كل منظر، أو قمة جبل، أو واد سحيق أو غابات منتشرة على سفوح الجبال، مما يدعو إلى الاهتمام بكل ما يعزز السياحة داخلية كانت أو خارجية..

ومنطقة أوكديم ضمن هذا المنظور منطقة سياحية تتوفر على جميع خصائص المكان بجمالياته المتعددة، في السهل والجبل، فهي تتوفر على قمم جبلية تغري بالزيارة والاكتشاف، ويشكل جبل العياشي وجبل المعسكر وخوانق تاتروت وعيون أنزار أوفوناس واحدة من أبرز النقط السياحية بالمنطقة، هذه الأخيرة تحتاج إلى عناية من طرف المؤسسات المعنية من أجل جلب أكبر عدد من السياح سواء المغاربة أو الأجانب.

و في هذا السياق،يكشف عبد السلام حسناوي باحث في التنمية الترابية بجامعة القاضي عياض بمراكش وأحد الساكنة  لـ”بلادنا24″ عن واقع حال منطقته ،قائلاً: “لازالت المنطقة تعاني من غياب البنيات التحتية، لاسيما الطرق غير المعبدة والتي تعد القاعدة الأساسية في خلق سياحة داخلية، وتنمية محلية عبر ربط القرى بالحواضر والدواوير، فالطريق الرابطة بين مركز تونفيت وأكوديم متدهورة الشيء الذي يجعل ساكنة المنطقة في شبه عزلة وتتأخر عن الوصول إلى أقرب نقطة تجارية”.

وتابع حديثه،قائلاً: “تتوفر الجماعة الترابية لأكوديم على الطريق الثلاثية التي تم إنجازها من طرف وزارة التجهيز والنقل، بيد أنه وبحكم التضاريس الجبلية للمنطقة ومناخها المعروف بالثلوج شتاء، وبالعواصف الرعدية والفيضانات الجارفة صيفا، فإن هذه الطريق التي تعد المنفذ الرئيسي لساكنة الجماعة على العالم الخارجي تعرف انقطاعات متكررة بسبب الجليد والثلوج، وانقطاعات أخرى راجعة لغياب القناطر.

ويضيف عبد السلام بصوت مرير :”إذا كانت الظروف المناخية سببا أساسيا في تدهور الأنشطة الفلاحية بالمنطقة، فبالمقابل تعتبر السبب الأساس في جلب السياح ذلك إلى جانب مجموعة من القصور القديمة والمناظر الطبيعية على طول سلسلة جبال الأطلس الكبير الشرقي، إذن فالخصوصية المجالية الثقافية ساهمت بشكل متوسط في انتعاش هذا القطاع الذي ما يزال  يحتاج إلى رعاية واهتمام من قبل المتدخلين والفاعلين من أجل ازدهاره وتطويره بشكل جيد وبالتالي الرفع من المردودية وتوفير فرص الشغل”.

اذ تحتاج المنطقة إلى رعاية واهتمام، ليس فقط من أجل إنعاش الحياة الاقتصادية، وأيضا من أجل إنعاش الروح الإنسانية التي تبعث كلما وجدت اهتماماً، والتفاتة من قبل المسؤولين لواقع حالهم المرير، صحيح أنه جرى إصلاح النقط الصعبة بالطريق الرابطة بين أكوديم وايت مرزوك كالشعاب، بالإضافة إلى إصلاح الطريق الرابطة بين تاكوديت وتعرعارت بطول 25 كلم.

إلا أن شبكة المواصلات بالمنطقة والمناطق المحاذية للجماعة بحسب  الباحث في التنمية الترابية ذاته تتسم بعدم الانتظام، فيتحمل السكان مشاق الاعتماد على وسائل نقل ضعيفة وأحيانا غير منظمة بفعل الموقع الجغرافي للجماعة،  الشيء الذي يجعل الساكنة تتنقل لقضاء مختلف حاجياتهم الاقتصادية والإدارية في ظروف صعبة .

إن هذه المناطق المعزولة وما تتوفر عليه من ميزات جمالية على مستوى الطبيعة، تدعو المسؤولين المباشرين عن قطاع السياحة بشكل خاص لمد يد العون، من أجل تطوير هذه الأماكن والاستفادة منها وطنيا في مجال السياحة وقبل ذلك، في تقدير الإنسان وإعطائه القيمة لكي ينهض بهذا القطاع إلى أفق عالي من الشهرة والعطاء.

بلادنا24 – مريم الأحمد

اقرأ أيضاً: