أطر تربوية تحصل على رواتبها من المدرسة العمومية.. وتدرس أبنائها بالمدرسة الخصوصية

نجحت المدرسة الخصوصية في إقناع مغاربة من مختلف الشرائح الاجتماعية بالإقبال على خدماتها، بعد أن تأكد لهم بالملموس أن نظيرتها العمومية تعيش اختلالات مركبة تعرقل تقديمها لعرض تعليمي ذات جودة.

لكن اللافت للانتباه، أن هناك جزء كبير من الأطر الإدارية والتربوية بالمدرسة العمومية يختار القطاع الخاص حين يتعلق الأمر بتمدرس أبنائه، وكأنه بذلك يقول للمغاربة “إن مدرسة الدولة تضمن لي راتبا قارا يوفر لي بعض ضروريات العيش، لكنها عاجزة عن تمتيع أطفالي بالتعليم الذي يفتح أمامهم أبواب المستقبل”.

بعض المتابعين للشأن التعليمي يرون أن هذه المفارقة هي مجرد دليل من بين أدلة أخرى على حاجة التعليم العمومي لإصلاحات بإرادة حقيقية تعيد له مكانته المفقودة.

موضة الجودة

وفي هذا السياق، قال الفاعل التربوي وأحد المدافعين عن المدرسة العمومية، أحمد الكندودي، في تصريح لـ”بلادنا24“، إن “المغاربة بصفة عامة الذين أصبحوا “لاباس عليهم” تنكروا للمدرسة العمومية، والاستثمار في الأبناء أصبح موضة من خلال البحث عن الجودة، وكأن هذا الشرط غير متوفر في المدرسة العمومية التي تخرج منها جميع أطر المعاهد العليا”.

وأبدى الكندودي تأييده لحق هؤلاء في الاختيار، “لكن دون المساس بالمدرسة العمومية”، مشيرا إلى أن “الفئة الواعية من أطباء ومهندسين ومحامين وجامعيين وقضاة، هي التي تخلت عن التعليم العمومي بعد أن درست به”، وفق تعبيره.

مكرهون لا أبطال

واعتبر الفاعل التربوي، أن “نساء ورجال التعليم هم أشخاص، ولا يمكن الحكم عليهم كصفات فيما يخص قرار تدريس أولادهم بالقطاع الخاص، والخوف من “المنكر ديال بصح” الذي يحدث بمؤسسات تعليمية ببعض المدن التي يدرس بها أبناء الطبقات المسحوقة، دفعهم إلى اتخاذ هذا القرار”، على حد قوله.

وأوضح المتحدث، أن “الآباء يفضلون المدارس الخصوصية مكرهين لا أبطال بعد أن باتوا يخافون من إرسال أبنائهم إلى المدرسة العمومية التي خلقت بها وضعيات جديدة، وأصبحت تظهر كمدرسة لتوليد “التشمكير” والانحراف، ونفس الأمر ينطبق على التعليم الخصوصي”.

وكشف الكندودي أن “هناك مدارس عمومية توجد بأماكن تجعل الأستاذ خائفا من العمل بها ولا يمكن لطفل صغير أن يدرس بها، ومن بينها إحدى المؤسسات بالعاصمة الرباط التي لا تلقى إقبالا من طرف الآباء نظرا لظاهرة “الشماكرية” المعروفة بها”، معربا عن أمله في أن يصبح الآباء واعين وناضجين ويساهمون بذلك في إرجاع الهيبة إلى المدرسة العمومية.

أنانية قاتلة

وحمل المدافع عن المدرسة العمومية الفشل على مستوى قطاع التعليم إلى “الطبقية التي تسببت في ظهور حزازات، وكذا عملية الاستثمار في الطفل عبر ملاءمة التعليم مع سوق الشغل، وبذلك فقدنا “شوية” من العقلية المغربية التي تؤمن بقيم المصلحة العامة وحب الآخر، وأصبحت لدينا أنانية قاتلة، ونحتاج إلى علم اجتماع مغربي”، بحسب قوله.

وجميع المغاربة، بحسب الكندودي، معنيون بهذا الموضوع، “وخصوصا النخبة المثقفة التي حتى لو أرادت الحديث في الموضوع، ستجد أن الآباء اتخذوا قرار الهجرة إلى المدرسة الخصوصية، والأساسي هو تغير سياسة الدولة التي أعطت لنا فشلا ذريعا رغم الملايير التي تم صرفها”.

ولفت المصدر إلى أن “هناك أساتذة تخرجوا من المدرسة العمومية، لكنهم تنكروا لأبناء المغرب، وفي المقابل يبيعون خبراتهم ومعلوماتهم للتعليم الخصوصي وخلال حصص الدعم والتقوية التي هي أكبر كارثة”، بحسب تعبيره.

شاهد ايضا: عطل مدرسية 2023

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *