أحداث مليلية.. جواد الخني لـ”بلادنا24″: الهجوم كان مُدبرا ويسائل عداء الجزائر التي تسيس القضية

بلادنا24- مريم الأحمد|

تمثل الهجرة إلى الضفة الأخرى من المتوسط حلما للمهاجرين الأفارقة الذين يتجشمون الصعاب من أجل الوصول إلى تحقيق حلم “الفردوس” الذي يتصورونه بأذهانهم على أنه الملاذ الآمن والجنة الموعودة.

ومن أجل ذلك، يتحمل المهاجرون كثيرا من العناء والتعب والارهاق، عدا الابتزاز المادي الذي تمارسه عليهم “مافيا الهجرة السرية”.

وهذا ما يجعل من قضية المهاجرين قضية إنسانية يتعاطف معها المجتمع الدولي ، لاسيما عند رؤية مشاهد العنف والقتل المنقول عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي الذي يثير مشاعر الآخرين باعتبار اللجوء ومحاولة الوصول إلى أوروبا المنجاة من أهوال الفقر والجفاف والمعاناة الإنسانية بشكل عام

في هذا  الصدد، أكد رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان جواد الخني، في حوار مع جريدة “بلادنا24”  على أنه آن الأوان لتتحمل أوروبا وافريقيا والجزائر مسؤوليتها في أحداث مليلية المحتلة،  معتبرا أن ما حصل يسائل شبكات الاتجار الدولي في البشر كما يسائل عداء دولة الجوار “الجزائر” التي تريد أن تُضفي على هذه الأحداث طابعا سياسيا بعد تساهلها في ولوج أفواج من المهاجرين الى المغرب.

بعد الانفراج الحاصل في العلاقات الثنائية بين المغرب واسبانيا كيف تنظرون الى الأحداث المأساوية التي عرفها المعبر الحدودي مع مليلية؟

بقلق بالغ تابع المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان نشاط شبكات الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وهو ما نتج عنه أحداث السياج الحديدي بين مدينتي الناظور ومليلية المحتلة صباح يوم الجمعة 25 يونيو 2022 اثر اقتحام جماعي لمجموعات مسلحة بالعصي والحجارة والسكاكين، لعدد من المهاجرين غير النظاميين وطالبي اللجوء راح ضحيتها23 شخصا و76 إصابة ضمن المهاجرين غير النظاميين، و140 إصابة في صفوف أفراد القوات العمومية، ضمنها 5 إصابات بليغة أحدهم لا يزال في المستشفى.

وإذ تترحم على جميع ضحايا هاته المأساة، ونعتبر ما حصل يسائل شبكات الاتجار الدولي في البشر ويسائل عداء دولة الجوار “الجزائر” التي تريد أن تضفي على هذه الأحداث طابعا سياسيا بعد تساهلها في ولوج أفواج من المهاجرين الى المغرب، وأيضا محاولات لتقويض أسس الشراكة الجديدة والتعاون المثمر بين بلادنا واسبانيا بعد تجاوز فترة  أزمة وتوتر استمرت طويلا بعد حسم اسبانيا لازدواجية الموقف من خلال دعم مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية للنزاع المفتعل حول الصحراء، خطوة عملية اتخذتها مدريد لدعم الأمن والاستقرار في محيطها الإقليمي.

هذه الخطوة تكرس اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء، واعترافات متتالية خاصة من دول افريقية .والتوجه نحو استقرار وأمن المغرب، مما يعني حتما استقرار وأمن أوروبا والمنطقة.

ما رأيكم في دور السلطات الأمنية المغربية في ردع المهاجرين غير الشرعيين؟ وهل هناك تبعات قانونية في هذا الصدد؟

تدخل السلطات الأمنية المغربية كان ردا على هجوم منظم ومدبر، فمثل هاته الأحداث من العادي أن يحصل ضحايا ووفيات ،وما جرى كان وفق القانون ومتطلبات الشرعية والحق المشروع في تفكيك ووقف اقتحام مسلح كانت ستكون له تطورات أكبر .

كيف ترون هذا التنديد الدولي فيما يتعلق باستعمال القوة من الجانب المغربي في ردع المهاجرين؟

هذا التنديد تحركه أصوات تناصب العداء التاريخي لبلادنا، يحركه العداء للمكتسبات التاريخية في العلاقة بالقضية الوطنية ،وأيضا لتقويض جهود بلادنا في تدبير ملف الهجرة واللجوء بعدد غير مسبوق افريقيا من الإجراءات والقرارات والتدابير والآليات، فمن الطبيعي أن تخرج أصواتا هنا وهناك .

ماذا عن مقاربة المغرب لملف الهجرة ،كيف تقيمونها؟

لقد أقرت بلادنا الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء والتي تمثل نموذجا إقليميا لتدبير قضية الهجرة بشكل مسؤول وتضامني، من تنصيب اللجنة الوطنية لتتبع ملفات التسوية ودراسة الطعون، كما مكنت الملفات المعروضة على اللجان الإقليمية للتسوية، وذلك على ضوء معايير ترتكز على مقتضيات الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان أو على اعتبارات إنسانية، وإدماجهم السوسيوثقافي ، “أزيد من 50 ألف من المهاجرين وتيسير إدماجهم في إطار يحفظ الكرامة الإنسانية وتكافؤ الفرص والمساواة مع المواطنين المغاربة من خلال وضع برامج اجتماعية وكذا الاستفادة من التعليم والصحة والسكن ثم التكوين المهني، وبرامج همت الإدماج التربوي للمهاجرين واللاجئين وتقوية تلقين قيم التسامح والتربية على التنوع وعدم التمييز في المناهج الدراسية.

والمصادقة بمراكش في 2018 خلال المؤتمر الدولي للهجرة المنظم تحت رعاية الأمم المتحدة، على الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والشرعية، في إطار البحث المستمر عن حلول مبتكرة بين إدارة الحدود وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين، وبين الهجرة والتنمية.

ووضع سياسات قطاعية في المجال، إذ صدر قانون جديد لمحاربة الاتجار بالبشر وحماية ضحاياه الملائم للتشريعات الدولية ، ولا سيما البروتوكول المتعلق بالاتجار بالأشخاص التابع لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.

ومن ضمن الخطوات احتضان المرصد الإفريقي للهجرة بالرباط والذي تم تدشينه خلال دجنبر 2020.واستقبال بلادنا بتاريخ ماي 2022 اللجنة الأممية المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم،فيما مشروع قانون اللجوء في طريقه نحو المصادقة في البرلمان، وكذلك القانون الجديد حول الهجرة والإقامة في المغرب الذي يأخذ أيضا مساره التشريعي.

اعتبارا للعلاقات الإنسانية والتاريخية والثقافية والاقتصادية والاستراتيجية فأوروبا تتحمل مسؤوليتها؛  والمغرب لا يمكن أن يلعب دور “الحارس “ويحمي حدود أوروبا لوحده، وكذلك الأمر بالنسبة للطرف المصدر للهجرة، وخصوصا دول إفريقيا جنوب الصحراء .

وبعد أن تحولت الإقامة المؤقتة بالمغرب إلى إقامة طويلة الأمد، واستحضارا لمضامين سياسة الهجرة واللجوء التي ينهجها المغرب والتي أرسى أسسها  الملك محمد السادس حفظه الله منذ سنة 2013 والقائمة على مقاربة جديدة مبنية على التضامن واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي ومبدأ المسؤولية المشتركة .

ما هي المبررات في رأيكم التي دفعت السلطات الأمنية إلى استخدام القوة بشكل يتعارض وسياسة المغرب في التسامح والانفتاح؟

المبررات واضحة للعيان ،لقد شاهد العالم الأسلحة والعصي والحجارة والسكاكين، لكن رغم ذلك نشدد على ضرورة التناسب في التدخلات الأمنية و مُعاملة المهاجرين غير النظاميين باحترام مبادئ ومعايير حقوق الإنسان وإعمال مبدأ المسؤولية المشتركة في تدبير ملف الهجرة مع التصدي الحازم لشبكات الإرهاب والجريمة و التهجير السري والاتجار بالبشر .

كمنتدى حقوقي ماهي أهم الانشغالات الحقوقية ذات الصلة بالملف؟

أهم انشغال يتجلى في وقف كل عمليات الترحيل القسري الجماعية وغير القانونية للمهاجرين غير النظاميين ومراجعة الاتفاقيات الثنائية التي يقع على أساسها الترحيل القسري ونذكر بأن المادة 4 من البروتوكول رقم 4 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تحظر الطرد الجماعي للأجانب، ومراجعة مسارات التعاون القائمة مع الإتحاد الأوروبي بخصوص الهجرة والتي لا تحترم الحقوق الإنسانية في التنقل وتعطي الأولوية للمقاربات الأمنية وتعتمد سياسات غلق الحدود من أجل الحد من الهجرة غير النظامية وتعزيز التعاون الفعال بين الدول وانخراط أكبر من المنظمات الإقليمية والدولية لمكافحة آفة الجريمة المنظمة الدولية ،مع دعم سياسة إدماج المهاجرين الذين سويت وضعيتهم وطالبي اللجوء الذين منحت لهم صفة لاجئ،  ودعم سياسة العودة الطوعية باعتبارها نموذج مرجعي للتعاون جنوب – جنوب. وكفالة الأجوبة الهيكلية نحو التنمية المستدامة في كافة أبعادها لبلدان المنشأ وتشجيع التنقل القانوني ومن أجل المصادقة قريبا على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وتطوير آليات التفاعل مع النظام الإفريقي لحقوق الإنسان.

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *