رمضان كريم
رمضان كريم
رمضان كريم

بين الماضي والحاضر.. ناس الغيوان رمز لـ”الفن الخالد”

في دروب الحي المحمدي بمدينة الدار البيضاء، ولدت من رحم المعاناة أبرز المجموعات الغنائية المغربية، كناس الغيوان، جيل جلالة، تكادة، لمشاهب، سهام، وكذلك مسناوة، ليطلق عليهم اسم “نجوم الحي المحمدي”، وهم نجوم خلقوا ثورة غنائية آنذاك، من خلال المواضيع التي يتطرقون إليها، ليصبح الجميع يتهافت بأسماءهم.

مجموعة ناس الغيوان

تأسست فرقة ناس الغيوان في الستينيات  القرن الماضي، من طرف الأب الروحي للمجموعة بوجميع، والشاعر والباحث في الثرات، العربي باطما، لاسيما، عمر السيد، وعبد الرحمان قيروش المشهور ب “باكو”، وعلال يعلى، فهي لم تنشأ بتخطيط مسبق، بل كانت حالة انبثاقية لحاجة جماعية، حاجة المجموعة إلى ضمير وذاكرة يغلب عليها طابع التمرد والصراع للتعبير عن القضايا المجتمعية التي تمسهم، ويتجسد ذلك من خلال طريقة آداءهم فوق الخشبة، يغنون بأصوات مرتفعة، ويرقصون بأجساد تنتقل من هنا وهناك، تعبيرا عن غضبهم وتجسيدا لواقعهم المعاش، هو واقع راجع بالأساس لتشبثهم بمرحلة الطفولة.

مرحلة الطفولة.. تهميش وفقر

أحياء الصفيح بالحي المحمدي، شاهدة على ميلاد مجموعة”ناس الغيوان”، عاشوا طفولة قاسية، يتسللها الفقر والتهميش، ويغيب عنها الرفاه والدلال، لم يكن لهم تكوين دراسي محظ،ولم يدخلوا معاهد تعلم الموسيقى، بل سقلوا موهيتهم بين أزقة و دروب الحي.

مغامرة فنية استمدت قوتها من بساطتها

فجأة الكل يتهافت باسم”ناس الغيوان” ، والجميع يرددون تعابير غنائية شعبية، تحمل في طياتها رسائل مشفرة من النقد لما آلة إليه الأوضاع السياسية أنذاك، فكانت الموسيقى الغوانية بمثابة هروب من الواقع ، واحتجاجا، ومتنفسا لقضايا تسير عكس تطلعاتهم.
عبد الله البالغ من العمر 65سنة، اعتبر أن أغاني الفرقة لم تكن بمثابة كلمات فحسب، بل تخاطب الوجدان والروح، وأكثر من ذلك فهي تتحدث بصوت المغاربة، فكلماتها تعبر عن واقع معاش، ونرقص على إيقاعاتها  بطريقة احتجاجية، وزاد قائلا:”وكأننا نسافر في عالم غير عالمنا”، فضلا عن لباسهم الذي نقلدهم فيه، من أجل تحقيق ذواتنا والتفريج عن همومنا.

ناس الغيوان وتفرقة القدر

عن عمر يناهز 30 سنة، توفي قائد الفرقة “بوجميع”، سنة 1974، مما شكل ضربة نزلت كالصاعقة في تاريخ مجموعة ناس الغيوان، ليقروا آخرون منهم الرحيل، ولم يتشبثوا بحلمهم، لكن بعد سنوات، القدر جعلهم يلتقون لإحياء المجموعة، وأنتجوا أغنية “النادي أنا” تكريما لروح فقيدهم، وفي سنة 1997، توفي العربي باطما وباكو سنة 2012، وانسحاب علال يعلى دون سابق إنذار، وبالتالي تشتت المجموعة ولم تبقى سوى بصمتهم تعاد من جيل الى آخر  .

عاشوا في فؤاد كل الأجيال

العديد من المغاربة يستمعون إلى أغاني ناس الغيوان، بل وحتى الشباب منهم، ولاتزال الأغاني بالنسبة لهم تعبيرا عن همومهم ومشاكلهم، ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحنا نجد تدوينات مكتوبة بأغانيهم، وكأنها رمز للحرية ، وأكثر من ذلك تدرس في بعض المدارس مادة تاريخ الفن، وتاريخ فرقة ناس الغيوان ضمن برنامجها،
تقول أميمة، في مقتبل العمر، مغرمة بأغاني الفرقة ” لازلت استمع لفرقة ” ناس الغوان” الى حد الآن ، كان أبي مولوع بثقافتهم ، و أغانيهم، ناس الغيوان بالنسبة لي شخصيا تراث ثقافي راسخ في وجداني و وجدان كل مغربي ، لقد امتدت أغانيهم على مر الأجيال ، سنتير الكلام و ألحان تجذب المستمع صغار و كبار، وزادت قائلة: ” لقد اكتشفت أن فنهم أصبح يجوب العالم العربي أيضا، لم نعش في جيلهم ، لكنهم عاشوا في فؤاد كل الأجيال”.
وتقول هاجر، في العشرينيات من عمرها ” قليل جدا ما أستمع لناس الغيوان، أحيانًا صدفة في وسائل النقل، وهذا لا يعني أنني لست من عشاق ناس الغيوان لكن اليوم كما يعلم الجميع أصبح هناك نوع من الموسيقى الجديدة التي يغلب عليها الطابع الشبابي.

على خطى أسلافهم.. أحفاد ناس الغيوان يعيدون إحياء الذاكرة

حوار حصري أجريناه مع محسن أبوزين، مؤسس ورئيس فرقة أحفاد الغيوان، ومدير مهرجان الحال بالدار البيضاء.

بصفتك مؤسس فرقة أحفاد الغيوان، تحدث لنا عن هذه المجموعة الشابة.

هي مجموعة شابة غنائية تتسم بالكلمة الهادفة تأسست سنة 2010 بالحي المحمدي،أيقونة الثقافة والفن ومنبع أسماء لامعة بصمت في مجالات متعددة بعطائها .
مجموعة أحفاد الغيوان تجسيد للوفاء بين الأجيال،هكذا أرادها المبدع الأستاذ الزجال عبد الرحيم باطما الذي أطلق عليها هذا الإسم وشملها برعايته وتوجيهاته .
مجموعة أحفاد الغيوان ثمرة لقاء شباب تشبعوا بالفن المغربي الأصيل ، واستثمروا طاقتهم الشبابية في خدمة ثقافتنا التراثية الشعبية، مهوسون بالكلام والنغم المتقن ، وجدوا ضالتهم في المـتن الغيواني وفي الحـال .
شباب أسسوا مجموعة أحفاد الغيوان تيمنا بالرواد السابقين، قام التوأم المكون من الفنانين محسن وياسين أبوزين بتأسيس المجموعة والتحق بهما العديد من الموسيقيين من بينهم محسن شيبوب و بعدهم التوأم الحسن والحسين أحد أعضاء مجموعة ناس الغيوان سابقا .
بعدها انطلق المسار وصار في جعبة المجموعة سجل حافل من العطاء قوامه لقاءات و ندوات و سهرات داخل المغرب وخارجه في كندا.

ما هدفكم من تأسيس المجموعة؟

مواكبة العمل الفني و الثقافي .
التربية والتكوين في المجال الفني والثقافي .
تنشيط الحركة الثقافية والفنية والفكرية والإبداعية لمختلف الثقافات الإنسانية .
هدفنا أن نحيي قيم التسامح والعيش المشترك بين الثقافات وما بين الشعوب و القبائل.
المساهمة والمشاركة بتقديم أطباق مختلفة من الغناء الهادف في كل المناسبات الوطنية والدولية وخاصة الخيرية .

هل تلقيتم نفس شهرة أسلافكم؟

بالطبع لا، ناس الغيوان كانت أكثر شهرة انذاك، لكن بكوننا أسلاف الفرقة، لدينا أيضا كريزما وحضور قوي ، ودليل على ذلك أعمالنا التي تتلقى استحسانا كبيرًا من طرف الجمهور، قس على ذلك، مشاركة المجموعة في عدة مهرجانات فنية.

وبخصوص نوعية الغناء، هل أغانيكم تعبر هي أيضا عن الاحتجاج؟

لا تزال أغانينا نوعا ما حساسة، تتجلى في التعبير عن هموم ومشاكل الشعب، وفي نفس الوقت نهتم بالمواضيع الراقية التي تربي وتؤطر الجيل الجديد.

ماهي آخر أعمال فرقة أحفاد الغيوان؟

تنظيم الفرقة لمهرجان الحال الدولي الدار البيضاء في دورته 5 دجنبر 2021 و التظاهرة الوطنية و الدولية في دورتها 6 مارس 2021 تعنى بالذكرى 55 للتراث الغيواني تزامنا مع اليوم العالمي لعيد الأم و لم تقتصر المجموعة على إعادة غناء ” ريبرتوار ” ناس الغيوان بل أنتجت أغنيتين لها حول” الأم ” و ” الصيحة ” بتوزيع عصري و الآن تستعد إلى إنتاج ألبوم غنائي جديد بالإضافة إلى الدورة السادسة لمهرجان الحال الدولي الدارالبيضاء الذي تم تأجيله أواخر شهر دجنبر الماضي بخصوص تفاقم حالة الوباء في بلادنا .

بلادنا 24 _صفاء بورزيق-

تابع بلادنا 24 على Bladna24 News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *